
دعم السكن للجالية المغربية يندرج في إطار جهود المغرب المتواصلة لتحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير سكن لائق لافراد الجالية المغربية ولجميع المواطنين. هكذا أطلقت الحكومة برنامج الدعم المباشر للسكن بموجب قانون المالية لسنة 2023. يمثل هذا البرنامج نقلة نوعية في سياسات الإسكان. حيث يركز على تقديم مساعدات مالية مباشرة للأفراد بدلاً من الإعفاءات الضريبية التي كان يتم منحها سابقًا للمنعشين العقاريين. يستهدف البرنامج المواطنين المغاربة المقيمين داخل المغرب وخارجه. بما في ذلك الجالية المغربية في الخارج، بهدف تمكينهم من اقتناء سكن رئيسي يلبي احتياجاتهم. يعكس هذا البرنامج التوجيهات الملكية التي تهدف إلى تعزيز القدرة الشرائية للأسر وتقليص العجز السكني في المملكة. في هذا المقال، نستعرض تفاصيل هذا البرنامج، شروطه، آلياته، وأثره على الجالية المغربية. مستندين إلى المعلومات الرسمية المتوفرة على موقع وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة.
دعم السكن للجالية المغربية: شروط الاستفادة من الدعم
لضمان استهداف البرنامج للفئات المستحقة، وضعت الحكومة شروطًا واضحة للاستفادة من الدعم المباشر للسكن.
أولاً، يجب أن يكون المستفيد حاملاً للجنسية المغربية، سواء كان مقيمًا داخل المغرب أو خارجها. هذا الشرط يتيح لأفراد الجالية المغربية في الخارج فرصة الاستفادة من البرنامج، مما يعزز ارتباطهم بالوطن ويشجعهم على الاستثمار فيه.
ثانيًا، يشترط ألا يكون المستفيد مالكًا لعقار مخصص للسكن عند تاريخ الاقتناء. وألا يكون قد استفاد من أي دعم سكني سابق، سواء كان نقديًا أو عينيًا.
ثالثًا، يجب أن يتم إبرام وعد بالبيع وعقد البيع النهائي لدى موثق معتمد. مع التزام المستفيد بتخصيص العقار كسكن رئيسي لمدة أربع سنوات على الأقل من تاريخ توقيع العقد النهائي.
وأخيرًا، يجب أن يكون العقار مرخصًا بتصريح السكن (permis d’habitation) صادر اعتبارًا من 1 يناير 2023.
هذه الشروط تهدف إلى ضمان استخدام الدعم لأغراض السكن الفعلي وليس لأغراض استثمارية أو تجارية. كما أنها تعكس التزام الحكومة بالشفافية والمساواة في توزيع المساعدات، مع إعطاء الأولوية للأسر التي لم تمتلك سكنًا من قبل. بالنسبة للجالية المغربية، فإن إدراجهم ضمن الفئات المستفيدة يعزز من دورهم في دعم الاقتصاد الوطني. حيث يشكل استثمارهم في العقارات مساهمة كبيرة في تنشيط القطاع.
دعم السكن للجالية المغربية: قيمة الدعم وفئاته
حدد مشروع قانون المالية 2023 قيم الدعم المالي بناءً على تكلفة السكن المقتنى. يحصل المستفيدون الذين يقتنون سكنًا بقيمة أقل من أو تساوي 300,000 درهم على دعم بقيمة 100,000 درهم. أما بالنسبة للسكن الذي تتراوح قيمته بين 300,000 و700,000 درهم، فيستفيد من دعم بقيمة 70,000 درهم. كما يتم تقديم دعم إضافي بقيمة 10,000 درهم للنساء الأرامل، وذلك لتشجيعهن على امتلاك سكن لهن ولأبنائهن. هذه المبالغ تهدف إلى تعزيز القدرة الشرائية للأسر، خاصة ذات الدخل المحدود والمتوسط، وتسهيل ولوجهن إلى سكن لائق.
يجسد هذا الدعم خطوة مهمة نحو تقليص الفجوة بين تكلفة السكن وقدرات المواطنين المالية. ومع ذلك، أثار البرنامج بعض الانتقادات، حيث يرى البعض أن قيمة الدعم قد لا تكون كافية لتغطية الفارق في أسعار السكن، خاصة في المدن الكبرى مثل الدار البيضاء ومراكش، حيث ترتفع الأسعار بشكل ملحوظ. ومع ذلك، يبقى الدعم خطوة إيجابية. خاصة للجالية المغربية التي قد تجد في هذا البرنامج فرصة لامتلاك سكن في الوطن بتكلفة مدعومة.
آليات التسجيل وتتبع الطلبات
لتسهيل الوصول إلى الدعم، أطلقت وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة منصة رقمية بعنوان “دعم سكن” (www.daamsakane.ma)، إلى جانب تطبيق ذكي يحمل الاسم نفسه. تتيح هذه المنصة للمواطنين المغاربة، سواء المقيمين داخل المغرب أو خارجه، تقديم طلباتهم إلكترونيًا دون الحاجة إلى إيداع ملفات ورقية لدى الإدارات. يتم التحقق من أهلية الطلب خلال سبعة أيام على الأكثر، ويتم إشعار المستفيد بالموافقة الأولية. بعد ذلك، يتعين على الموثق إيداع نسخة من وعد البيع ورخصة السكن خلال 30 يومًا من تاريخ الإشعار. ويتم صرف مبلغ الدعم خلال 15 يومًا كحد أقصى من تاريخ الإيداع.
في حال عدم إتمام عملية الشراء خلال 30 يومًا من صرف الدعم، يلتزم الموثق بإعادة المبلغ إلى الدولة وفق إجراءات صارمة. كما يمكن للمستفيدين تتبع حالة طلباتهم عبر المنصة أو التطبيق، مما يضمن شفافية العملية ويسهل التواصل مع الجهات المختصة. هذه الآلية الرقمية تمثل خطوة متقدمة نحو تحديث الخدمات الإدارية. خاصة بالنسبة للجالية المغربية في الخارج، التي قد تواجه صعوبات في التعامل مع الإجراءات التقليدية.
الالتزامات القانونية والرهن
لتأمين استرداد الدعم في حالة الإخلال بالشروط، تفرض الحكومة على المستفيدين وضع رهن رسمي من الرتبة الأولى أو الثانية على العقار لصالح الدولة. يبقى هذا الرهن ساريًا طوال فترة الالتزام بتخصيص العقار كسكن رئيسي (أربع سنوات). لرفع الرهن، يجب على المستفيد تقديم وثائق تثبت إقامته في العقار للمدة المطلوبة. مثل نسخة من عقد البيع، بطاقة التعريف الوطنية التي تحمل عنوان السكن، أو شهادة إدارية صادرة عن السلطات المحلية تثبت الإقامة الفعلية. بالإضافة إلى إيصالات دفع رسوم الخدمات الجماعية. هذه الإجراءات تضمن التزام المستفيدين بأهداف البرنامج وتحمي الأموال العامة من الاستخدام غير المناسب.
يمكنكم الاطلاع أيضا على مشاريع السكن الاقتصادي والمتوسط بتمارة والنواحي صيف 2025

دعم السكن للجالية المغربية: أثر البرنامج على الجالية المغربية
يحظى برنامج الدعم المباشر للسكن باهتمام كبير من الجالية المغربية في الخارج. حيث أظهرت الإحصاءات الأولية أن 19% من طلبات الاستفادة المقدمة حتى نهاية يناير 2024 جاءت من مغاربة الخارج. يعكس هذا الإقبال رغبة قوية لدى الجالية في الحفاظ على ارتباطهم بالمغرب من خلال امتلاك سكن رئيسي، سواء للعيش فيه أو كاستثمار طويل الأمد. كما أن المنصة الرقمية سهلت على هذه الفئة تقديم الطلبات وتتبعها دون الحاجة إلى السفر إلى المغرب، مما يعزز من جاذبية البرنامج.
يساهم هذا البرنامج أيضًا في تعزيز الروابط الاقتصادية والاجتماعية بين الجالية المغربية والوطن الأم. من خلال تشجيع استثماراتهم في القطاع العقاري. حيث تساهم الجالية في تنشيط الاقتصاد الوطني ودعم المشاريع السكنية. كما أن الدعم المالي المقدم يساعدهم على التغلب على ارتفاع أسعار العقارات في بعض المدن الكبرى. مما يجعل امتلاك سكن في المغرب هدفًا واقعيًا.
دعم السكن للجالية المغربية: أهداف البرنامج وإطاره العام
يندرج برنامج الدعم المباشر للسكن ضمن رؤية شاملة تهدف إلى تحسين ظروف العيش للمواطنين المغاربة. سواء كانوا مقيمين داخل الوطن أو في الخارج. يأتي هذا البرنامج تنفيذًا للتوجيهات الملكية التي أكدت على أهمية السكن كحق دستوري لجميع المواطنين، وفقًا لما ينص عليه الدستور المغربي. كما يتماشى البرنامج مع أهداف النموذج التنموي الجديد والبرنامج الحكومي 2021-2026. اللذين يركزان على تعزيز التنمية البشرية والتماسك الاجتماعي من خلال دعم الطبقات ذات الدخل المحدود والمتوسط.
يمتد البرنامج من عام 2024 إلى 2028. ويسعى إلى تقليص العجز السكني، تحفيز القطاع الخاص، ودعم الاقتصاد الوطني من خلال زيادة الطلب على السكن وتعزيز الاستثمار في القطاع العقاري.
يتميز هذا البرنامج بتحول استراتيجي في مقاربة دعم السكن. حيث انتقلت الحكومة من تقديم تحفيزات للمنعشين العقاريين إلى توفير دعم مالي مباشر للمقتنين. يهدف هذا التحول إلى تمكين الأسر من امتلاك سكن رئيسي بأسعار ميسورة. مع التركيز على الفئات ذات الدخل المحدود والمتوسط، بما في ذلك أفراد الجالية المغربية الذين يرغبون في الاستثمار في سكن بالمغرب. وقد تم اطلاق المنصة الرقمية “دعم سكن” (www.daamsakane.ma) لتسهيل عملية التسجيل وتتبع الطلبات. وهذا الامر يعكس التزام الحكومة بتبسيط الإجراءات الإدارية وتعزيز الشفافية.
دعم السكن للجالية المغربية: التحديات والتوقعات
على الرغم من المزايا الكبيرة التي يقدمها البرنامج، إلا أنه يواجه بعض التحديات. فقد أعرب البعض عن قلقهم من أن قيمة الدعم (100,000 درهم أو 70,000 درهم) قد لا تكون كافية لمواجهة ارتفاع أسعار العقارات. خاصة في ظل احتمال قيام الشركات العقارية برفع الأسعار بعد إلغاء الإعفاءات الضريبية. كما يطالب البعض بمراقبة أكثر صرامة لأسعار السكن وضمان جودة الوحدات السكنية لتجنب الممارسات غير القانونية، مثل البيع بأسعار إضافية “تحت الطاولة”.
ومع ذلك، تظل التوقعات إيجابية، حيث تطمح الحكومة إلى توفير 114,000 وحدة سكنية خلال السنة الأولى من البرنامج، مع تخصيص 58,000 وحدة للطبقة المتوسطة. كما تسعى الوزارة إلى إحداث 12 وكالة جهوية للتعمير والإسكان لمواكبة تنفيذ البرنامج وضمان تلبية احتياجات المناطق الحضرية والقروية على حد سواء.
يمثل برنامج الدعم المباشر للسكن لعام 2024-2028 خطوة طموحة نحو تحقيق رؤية المغرب في توفير سكن لائق لجميع مواطنيه، بما في ذلك الجالية المغربية في الخارج. من خلال تقديم مساعدات مالية مباشرة، تبسيط الإجراءات عبر المنصة الرقمية، ووضع شروط واضحة للاستفادة، تسعى الحكومة إلى تعزيز القدرة الشرائية للأسر وتقليص العجز السكني. بالنسبة للجالية المغربية، يشكل هذا البرنامج فرصة ذهبية لتعزيز ارتباطهم بالوطن من خلال امتلاك سكن رئيسي. ومع استمرار تنفيذ البرنامج، يبقى الأمل معقودًا على تحقيق أهدافه في تحسين ظروف السكن ودعم التنمية المستدامة في المملكة.
اعداد: فريق موقع مدن.كوم