منتدى حوار المدن العربية الأوروبية 2025: جسور التعاون لمستقبل حضري مستدام

المدن العربية في خطوة تاريخية لتعزيز التعاون الحضري بين الشرق والغرب. حيث تستضيف العاصمة السعودية الرياض، خلال الفترة من 11 إلى 13 مايو 2025، النسخة الأولى من منتدى حوار المدن العربية الأوروبية تحت شعار “شراكات المدن من أجل مستقبل أفضل”. يجسد هذا الحدث، الذي ينظمه أمانة منطقة الرياض بالتعاون مع المعهد العربي لإنماء المدن، الائتلاف الأوروبي PLATFORMA، والوكالة الدولية لاتحاد البلديات الهولندية (VNG International)، منصة استراتيجية لتعزيز الدبلوماسية الحضرية، تبادل الخبرات، ودعم التنمية الحضرية المستدامة والشاملة. ومع اختيار الرياض كمدينة مضيفة للمنتدى الأول، تؤكد العاصمة السعودية مكانتها كمركز حضري عالمي. يساهم في تحقيق أهداف رؤية السعودية 2030.
المدن العربية: رؤية طموحة للتعاون الحضري
يأتي منتدى حوار المدن العربية الأوروبية ليكون منصة سنوية مستدامة تجمع قادة المدن، صناع القرار، والخبراء من المنطقتين العربية والأوروبية. بهدف تعزيز التعاون وتبادل الأفكار حول التحديات الحضرية المشتركة. يهدف المنتدى إلى خلق أرضية مشتركة للمدن ذات الاهتمامات المتبادلة. مع التركيز على التعاون البيني الإقليمي، بناء الشراكات، واستكشاف فرص التمويل للمشاريع الحضرية. ومن المقرر أن يتم عقد الحدث بالتناوب بين المدن العربية والأوروبية على مدى عشر سنوات، مما يعزز استمرارية الحوار وتأثيره.
كما أن المنتدى ليس مجرد تجمع لصناع القرار، بل منصة تنتج اتفاقيات شراكة، وتطلق مبادرات ومشاريع مشتركة، وتعز تبادل الخبرات لتحقيق تنمية حضرية مستدامة. حيث أن الحدث يتجاوز النقاشات النظرية إلى إنتاج توصيات عملية تكرس قدرات المدن في الابتكار والتخطيط التشاركي.
برنامج شامل لمدة ثلاثة أيام يجمع المدن العربية والاوروبية
يمتد المنتدى على مدار ثلاثة أيام، ويشمل ستة أنشطة رئيسية تعكس أهدافه في تعزيز الحوار والتعاون الحضري:
- نقاشات مع رؤساء البلديات والخبراء: جلسات تسلط الضوء على أفضل الممارسات والتحديات المشتركة في مواجهة القضايا الحضرية، مثل التخطيط الحضري، إدارة النفايات، والتكيف مع التغير المناخي.
- لقاءات بين المدن: فرص للتواصل وبناء شبكات تعاون، مما يمهد لشراكات مستقبلية بين المدن العربية والأوروبية.
- اجتماع لمناقشة حوكمة المنتدى: جلسة مخصصة لمناقشة إطار عمل المنتدى وآليات استمراريته.
- جلسات مع وكالات التمويل: توفر هذه الجلسات رؤى من الخبراء حول صياغة مقترحات مشاريع حضرية قابلة للتمويل، مما يتيح للمدن فرصة الارتباط المباشر مع المؤسسات المانحة والمستثمرين.
- ورش عمل وتدريبات: جلسات تنظمها منظمات دولية تركز على التحديات اليومية لإدارة المدن، مثل تحسين الخدمات البلدية وتطوير البنية التحتية.
- زيارات ميدانية: رحلة إلى أبرز المشاريع الحضرية في الرياض، بالإضافة إلى جولات سياحية تبرز معالم المدينة الفريدة، مما يوفر للمشاركين تجربة مباشرة للتحول الحضري في العاصمة السعودية.
تمثل هذه الأنشطة مزيجًا من النقاشات الاستراتيجية، التواصل العملي، والتجارب الميدانية، مما يجعل المنتدى منصة متعددة الأبعاد للتعلم والتعاون.
أهمية المنتدى في سياق التحديات الحضرية للمدن العربية والاوربية
تواجه المدن العربية والأوروبية تحديات مشتركة، مثل التوسع العمراني السريع، التغير المناخي، الحاجة إلى بنية تحتية مستدامة، والشمولية الاجتماعية. ويأتي المنتدى كاستجابة لهذه التحديات، حيث يوفر فضاءً لتبادل الخبرات والحلول المبتكرة. على سبيل المثال، يركز المنتدى على مواضيع مثل تمويل المشاريع الحضرية، تحسين الحوكمة المحلية، وتطوير المدن الذكية، وهي قضايا حيوية لتحقيق التنمية المستدامة.
كما يبرز المنتدى دور الدبلوماسية الحضرية في بناء جسور بين الثقافات والمجتمعات. من خلال جمع رؤساء البلديات، الأمناء، الحكام، وممثلي المنظمات الدولية. يسعى الحدث إلى تعزيز التفاهم المتبادل وتطوير استراتيجيات مشتركة تساهم في تحسين جودة الحياة في المدن. وفي هذا الإطار، يجسد المنتدى خطوة نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، خصوصًا الهدف 11 المتعلق بجعل المدن شاملة، آمنة، مرنة، ومستدامة.

دور الرياض وتحولها الحضري ورؤية السعودية للتخطيط الحضري المستدام
اختيار الرياض كمدينة مضيفة للنسخة الأولى من منتدى حوار المدن العربية الأوروبية 2025 ليس مجرد قرار لوجستي، بل يعكس مكانتها كمركز حضري عالمي ونموذج للتحول الحضري الطموح. تشهد الرياض بقيادة أمانة منطقة الرياض، نهضة حضرية شاملة ضمن إطار رؤية السعودية 2030. حيث أن هذه الرؤية تهدف إلى تحويل المملكة إلى مركز عالمي للابتكار، الاستدامة، والاقتصاد المتنوع. يتجلى هذا التحول في سلسلة من المشاريع الضخمة التي تُعيد صياغة هوية المدينة كوجهة حضرية متطورة، مستدامة، وصديقة للسكان.
من أبرز هذه المشاريع مشروع الرياض الخضراء، الذي يهدف إلى زراعة 7.5 مليون شجرة بحلول عام 2030، لتحسين جودة الهواء، تقليل درجات الحرارة، وتعزيز التنوع البيئي. يعتبر الخبراء هذا المشروع نموذجًا عالميًا للتخطيط الحضري المستدام، حيث يدمج البعد البيئي مع تحسين جودة الحياة. كما يبرز مترو الرياض، أحد أكبر مشاريع النقل العام في المنطقة. ويهدف إلى تقليل الاعتماد على السيارات الخاصة، تخفيف الازدحام المروري، وتعزيز الاستدامة من خلال نظام نقل عام متطور يعتمد على الطاقة النظيفة.
يمكنكم الاطلاع أيضا على مؤتمر الكويت للمدن الصحية.
إضافة إلى ذلك، تشمل المبادرات الحضرية في الرياض تطوير وجهات سياحية وثقافية مثل الدرعية التاريخية، المدرجة ضمن مواقع التراث العالمي لليونسكو، وبوليفارد الرياض، الذي يمثل مركزًا ترفيهيًا عالميًا. هذه المشاريع لا تعزز الاقتصاد المحلي فحسب، بل تُساهم في خلق بيئة حضرية نابضة بالحياة تجذب السكان والزوار على حد سواء. ومن خلال مشاريع مثل القدية والرياض آرت، تظهر المدينة التزامها بدمج الفنون، الثقافة، والابتكار في التخطيط الحضري. مما يجعلها نموذجًا للمدن الذكية التي توازن بين التراث والحداثة.
رؤية السعودية للتخطيط الحضري المستدام
تتجسد رؤية السعودية للتخطيط الحضري المستدام في نهج شامل يركز على ثلاثة محاور رئيسية. تتلخص في الاستدامة البيئية، الشمولية الاجتماعية، والابتكار التكنولوجي. أولاً، تعمل المملكة على تقليل البصمة الكربونية لمدنها من خلال مبادرات مثل استخدام الطاقة المتجددة، تحسين كفاءة استهلاك الموارد، وتعزيز المساحات الخضراء.
ثانيًا، تركز الرؤية على ضمان أن تكون المدن شاملة، حيث توفر خدمات عالية الجودة وفرصًا متساوية لجميع شرائح المجتمع. بما في ذلك الشباب، النساء، وذوي الاحتياجات الخاصة.
ثالثًا، تسخر المملكة التكنولوجيا المتقدمة، مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء، لتطوير مدن ذكية تحسن إدارة الموارد، النقل، والخدمات البلدية.
تبرز استضافة الرياض للمنتدى هذا التحول الحضري، حيث ستتيح الزيارات الميدانية للمشاركين فرصة مشاهدة هذه المشاريع عن قرب. على سبيل المثال، ستظهر جولات إلى مشروع الرياض الخضراء ومترو الرياض كيف تتم ترجمة رؤية السعودية 2030 إلى واقع ملموس. كما ستعزز هذه التجربة تبادل الخبرات مع المدن الأوروبية. التي تمتلك خبرات متقدمة في مجالات مثل إدارة النفايات، التخطيط الحضري المرن، والمدن الخالية من الكربون.
يتزامن انعقاد المنتدى مع الذكرى التاسعة لإطلاق رؤية السعودية 2030. مما يضفي بُعدًا رمزيًا على الحدث. تظهر الرياض، من خلال استضافتها لهذا المنتدى، التزام المملكة بتعزيز التعاون الدولي، تبادل أفضل الممارسات، ودعم التنمية الحضرية المستدامة على المستويين الإقليمي والعالمي. ومع تركيز رؤية 2030 على تحسين جودة الحياة، تظل الرياض نموذجًا يُلهم المدن العربية والأوروبية لتبني استراتيجيات تخطيط حضري تحقق التوازن بين النمو الاقتصادي، الحفاظ على البيئة، وتعزيز الرفاهية الاجتماعية.
شراكات استراتيجية وفرص تمويل للمدن العربية والاوروبية
يتميز المنتدى بشراكاته القوية مع مؤسسات إقليمية ودولية. نذكر منها المعهد العربي لإنماء المدن، الذي يمثل منظمًا رئيسيًا ورائدًا في مجال التنمية الحضرية في العالم العربي، وPLATFORMA، وهو ائتلاف أوروبي يضم حكومات محلية وإقليمية. وVNG International، التي تقدم خبراتها في تعزيز الحوكمة المحلية. هذه الشراكات تضمن تنوع وجهات النظر وتوسيع نطاق التأثير.
إضافة إلى ذلك، يوفر المنتدى منصة عملية لربط المدن بفرص التمويل من خلال التفاعل المباشر مع المؤسسات المانحة والمستثمرين. من المتوقع أن تسفر جلسات المنتدى عن توصيات قابلة للتنفيذ . وتعزز قدرات المدن في تمويل مشاريع البنية التحتية والخدمات الحضرية. مما يفتح آفاقًا جديدة لتنفيذ مشاريع ضمن أطر تنموية متكاملة.
توقعات وتأثير طويل الأمد
مع انطلاق المنتدى في 11 مايو 2025، تتجه الأنظار إلى الرياض كمركز للحوار الحضري العالمي. يمكن أن يسهم الحدث في تعزيز الشراكات بين المدن العربية والأوروبية، ووضع أسس لتعاون طويل الأمد يتجاوز الحدث نفسه. كما يظل المنتدى فرصة للمدن المشاركة لعرض تجاربها الناجحة، استكشاف حلول مبتكرة، وبناء شبكات تعاون تدعم التنمية الحضرية المستدامة.
ويبرز المنتدى كمنصة لتعزيز التضامن بين المدن في مواجهة التحديات العالمية. مثل الأزمات البيئية والاجتماعية. من خلال تبادل الخبرات وتطوير حلول مشتركة، يسعى المنتدى إلى تمهيد الطريق نحو مدن أكثر تكاملاً وازدهارًا للأجيال القادمة.
المدن العربية : خطوة نحو مستقبل مشترك
يمثل منتدى حوار المدن العربية الأوروبية 2025 نقطة انطلاق لعصر جديد من التعاون الحضري بين المنطقتين. من خلال جمع قادة المدن، الخبراء، والمؤسسات الدولية تحت سقف واحد، يعزز المنتدى التزامه ببناء مدن مستدامة، شاملة، ومبتكرة. ومع استضافة الرياض لهذا الحدث التاريخي، ترسل المملكة العربية السعودية رسالة قوية حول أهمية الشراكات العابرة للحدود في تشكيل مستقبل حضري مزدهر. هكذايبقى المنتدى، بما يحمله من طموحات وتطلعات، جسرًا للحوار والتعاون، يلهم المدن العربية لتحقيق رؤى مشتركة لعالم أفضل.
إعداد: فريق موقع مدن.كوم
2 تعليقات